13

أرشيف التقييم النفسي — وصول مقيّد

عدد الزوار 0000
الملف الطبي الفصل الأول الفصل الثاني
الملف الطبي — 13 الحالة: نشطة التصريح: المستوى الثالث مطلوب ثلاثة عشر مريضًا. ثلاثة عشر مصيرًا مجهولًا. الملف غير مكتمل.
ضياع مستيقظة على بلاط بارد يحيطها سواد بدا لها من نسج مخيلتها أثر الصداع الرهيب الذي عانته، وسط الهدوء القاتم نقرات المصباح الأبيض تفيقها من خيالاتها. «أين أنا..» «..أنا؟..» تقف بفزع تتلفت حولها و تتحسس وجهها محاولة التذكر أين كانت ..كيف جائت إلى هنا..من هي «من أنا؟!..» تلتقط أنفاسها سريعاً و تحاول أن تهدئ مع هذا الصداع الذي ما زال يرنّ رأسها و أجواء المكان التي لم تساعد. «اهدئي ..اهدئي..أنا بخير» تنظر لملابسها، زي طبي بلون قرمزي. «ملابس أطباء ..الطب النفسي..جيد جيد أنا طبيبة» يلفت انتباهها خاتم في بنصرها «متزوجة؟..» ترى اسم زوجها المزعوم على الخاتم 'ا.د' لكن اسمها مشطوب بأداة حادة، يقطع تركيزها نسمة هواء بارد ترسل قشعريرة لعمودها الفقري عندما تستوعب الوضع الذي هي فيه، الظلام حالك لدرجة تصعب عليها رؤية خطوة أبعد من مدى ضوء المصباح فوق رأسها، فجأة يضيء مصباح آخر على مقربة منها يشير لقدميها بالتحرك نحوه، بينما تتلفت حولها ينطفئ المصباح الذي كانت عنده منذ برهة ليضيء مصباح آخر يسدل الضوء على باب أبيض كتب بجانبه (صيدلية)، تفتح الباب مريرةً برفوف الأدوية، أجلّت بصرها من الحاجز الزجاجي بين الصيدلي والمرضى، منظر لحطام الجزء الأمامي للمشفى وكأن حرباً قد قامت أو أن أرضين المشفى في عالمين مختلفة، بعد تردد كبير في الرجوع رأت الأضواء تطفئ بانتظام واحدة تلو الأخرى تدفعها للأمام، صرير مصباح يثقب طبلتها تضع يديها على أذنيها و تبدأ برؤية دوائر ملونة إلى أن تجري أمامها طفلة وتختفي في الظلام. «أنت! انتظري!» تقف لتبحث عن الطفلة لكن سواد المكان يثبت قدميها. «ما علاقتي بها على كل..» تلتفت و تخرج عبر باب مكسور أوتت بخطى ثقيلة تمشي لحافة الركام تنزل خطوة خطوة متمسكة بكل خلايا جسدها بعمود كهرباء التوى فوق الركام، تسمع هدراً خفيفاً من تحت الخراب. «من هناك؟» يرد صوت الريح مارًّا من خلف الركام لوجهها مما يزيد فزعها «أجبني!» الصمت القاتم يعبث بتوازن أفكارها التي تخل بتوازنها وتقع أسفل منحدر، ترى رافعة مليئة بالصدى، يزحف نظرها ليعود لقدمها التي اصطدمت بالأرض أولاً، كان هناك فشخ ينزف من تحت ركبتها إلى آخر ساقها، صداعها يشتت أعصابها ولا تنفك تحدق بالجرح. «كيف يسوء الأمر أكثر من هذا» ؟؟؟: «من لا يرضون بأقدارهم تُرمى أقدار الناس عليهم» صوت ذكوري يقطع أنفاسها، تلتف لظل رجل في أواخر العشرين بشعر رمادي طويل وعيون زرقاء يطفو فوق الأرض، ملابسه غريبة. «من أنت-..هل أنت تطفو؟» - «أنا الضياء لطريقك أيتها العابرة ..لوسيان ليكن اسمي فإنتم تفضلون كلمة لتعريف أنفسكم، هيا لنجد الطفلة فخروجك من هنا يعتمد عليها» «كنت لأحب رحلة صيد الأطفال لكن إن لم تلاحظ فقد أُصبت ثم أي اسلوب هذا اللذي تكلمني به» - «فيزياء الكم هنا تختلف وعلى أثرها يختلف كل شيء آخر، ألم تلاحظي أن الأرض شربت دمك؟..» تنزل نظرها للأرض تحتها، كانت خالية من أي أثر لدمائها، تمرر عينها للجرح، رغم عمقه إلا أن الدم تخثر سريعاً ، مدّ يده و ساعدها في النهوض. «ألن تشرح؟ ما هذا المكان ومن الطفلة..المشفى لماذا مهدّم..و لماذا-» - «أتفهم حيرتك، لكن من غير المسموح أن أفصح الكثير، امشي معي سأشرح بقدر ما أستطيع» «تقول امشي معي و أنت تطفو؟ هذا غير عادل ألا تظن؟» يبتسم لها ويقودها عبر الحطام لطريق مليء بالضباب، سواد الليل يعيق رؤيتهم قليلاً فلا تكاد تحفظ المكان من حولها. يمشيان في صمت ثقيل، خطواتها تُحدث صدى غريب على الأرض التي بدت وكأنها تُعيد الأصوات بطريقة غير بشرية. كانت تحاول تثبيت نظرها على الضباب أمامها، لكنه بدا وكأنه يتحرك معهم، يُخفي الطريق بقدر ما يكشفه. «لوسيان.. أين نحن حقًا؟» لم ينظر إليها، بل أبقى عينيه الزرقاوين مركزتين على الأمام، ثم قال بصوت هادئ: -«نحن في عالمٍ غيبيّ... نقطة تقاطع بين عالمك والعالم السفلي. أنتم تسمّونه 'البرزخ' أحيانًا، أو 'التيه'. لكنه في حقيقته لا يُشبه أي تصور لديكم.» توقفت عن المشي، تتنفس بصعوبة، تشعر بأن الهواء نفسه يثقل صدرها. «لماذا أنا هنا؟» -«لأنك عالقة.» «عالقة؟» -«بين الموت والحياة. بين الندم والقبول. بين الذنب والصفح.» نظرت إليه بعيون مذهولة، تحاول أن تستوعب كلماته. أنزلت نظرها تنظر إلى الجرح الذي كان قد شُفي بطريقة لا تُصدّق، وكأن شيئًا لم يكن. «أنا... ميتة؟» هزّ رأسه نافيًا، ثم قال: -«لم تموتي... بعد. لكنك قريبة. هذا المكان يُمنح فقط لمن لم تُحسم كفتهم بعد. إن استطعتِ أن تكملي الطريق، أن تحرري الحقيقة، أن تُريحي تلك الأرواح، فستعودين لعالمك. لكن إن فشلتِ...» سكت لوهلة ينظر لها بابتسامة جانبية: -«...فإما أن تُحبسي هنا إلى الأبد، أو تُرمى روحك إلى الأعماق، حيث لا رجعة.» شعرت بقشعريرة تسري في جسدها، ابتسامته الجافة أعادت شعوراً ليس غريباً تماماً عليها، لكنها بدأت تُصاب بالذعر تحت ذلك البرود الساخر، كأن قلبها بدأ يعي ما ينتظره، وكأن جزءاً منها يعرف أنه سبق وسلك هذا الطريق من قبل. «لا افهم ...لا افهم ..استيقظت منذ لحظات فاقده لذاكرتي..و...انا ..» تأخذ نفساً عميق و تردف « ولماذا الطفلة؟ ما علاقتها بكل هذا؟» نظر إليها أخيرًا، بعينين لا تحملان الشفقة ولا القسوة، بل شيئًا ثالثًا لم تستطع تمييزه. - «الطفلة هي جزء منكِ، ضاع منكِ حين اخترتِ النسيان. ليس هي وحدها.. بل 13 روحاً ضائعة.. أيتها الطبيبة ألا تذكرين مرضاك؟» «بالكاد أذكر شي.. اسم.. اسماً واحد.. هل تلك الأرواح هي المرضى؟» - «لا حق لي بالإجابة» «حسنًا.. هل اسم الطفلة ليمبرو؟» - «أخشى أني لا أستطيع الإجابة» تتنهد وتنظر بعيداً وهي تعبس: «أنت غير مفيد.. ضياؤك لا يريني أي طريق» يتنهد ناظرًا لها، فينزل قدميه على الأرض ويمشي بجانبها، ينقر أنفها كرد لضجرها السريع. - «حسناً.. ليمبرو مريضتك المفضلة، حاولي إيجاد تقاريرك عنها» تحدق به في تسلية: «أوه إذن قررت تشريف الأرض بخطواتك-..» رفعت بصرها بسرعة للضباب اثرى احساس غريب بحركه خلفها، وصوت الطنين يرنّ في أذنيها، تسمع خطوات صغيرة بين بقايا الركام.
شطرنج وقف لوسيان بثبات عند نقطة ما في الضباب، رفع يده مشيرًا إلى الأمام وكأنّه يرسم حدود عالم آخر، ثم ببطء تلاشى الضباب، ليكشف عن باب خشبي قديم يقف وحيدًا وسط الطريق الذي لا يحمل سوى الفراغ والصمت. نظرت إليه الطبيبة بتوجس ودهشة، كأنها تقف على شفا هاوية لا تعرف عمقها بعد: «اي قدرات أخرى تملك ؟» ابتسم لوسيان، لكن ابتسامته لم تحمل دفء، بل كانت باردة كهمس الغدر: -« هذه غرفة 313، الجناح الغربي لن أدخل معكِ، لكني سأنتظرك هنا» تثاقلت أنفاسها، وأسرعت في سؤال حذر: « تدرك انه باب مخرجه و مدخله واحد صحيح؟» هواءٌ ثقيلٌ ملأ الفراغ بينهما، قبل أن يمسك يدها برفق لكن بحزم، ووضعها على المقبض الدافئ، كأن الباب نفسه ينبض بالحياة. قال بجدية تخفي خلفها تهديدًا: -«أيتها الطبيبة، عهدتك أذكى من هذا. تذكري، انه هناك فرصه ان لا تخرجي... أن فشلتي ، تبتلعك الهاوية.» تراجعت خطوة، بنظرة ترجم فيها مزيجًا من الخوف والتحدي: « وماذا عليّ أن أفعل؟ فيم يجب أن أنجح؟» كان صوته هادئًا كعاصفة تختمر تحت السطح: -«حرري الروح الخامسة ، تمنياتي لك بخساره مريرة» قبل ان تعترض يدفعها لداخل و يغلق الباب مع ابتسامه دافئه ، بمجرد ان وطئت قدمها الارض عاد ذا الصداع المعهود بشكل اسوء ترى اضواء و تسمع صفير عالي، تشم رائحه دخان قاتله، بين عينيها دوامة من الصور المتضاربة. ضوء المصباح، خطوات الطفلة، ووجه عجوز يحرك قطع شطرنج... كلّها تداخلت في رأسها كأنها شريط ممزق يُعاد لصقه في كل لحظة. تنظر حولها لتتفاجئ بتغير المكان و كأنها نقلت لبعد آخر تمشي على سجاد احمر مزخرف باللون الذهبي ، في ممر بدا انظف من الازم جدرانه مزينه بلوحات اثريه ف على يمينها القوطية الأمريكية تجاورها ولادة فينوس بالجهه المقابله لوحه خلق آدم اما الاخيره ف كانت ايطار فارغ بجانبه كلمات محفوره بأده حاده بلغه اجنبيه «Finish it » همست لنفسها: « أنهي ماذ؟..ربما اللوحة الرابعة هي ما اجده، لكن الضحية كانت الخمسة... » تتحس الايطار من الزوايه و تحاول إخراجه من مكانه فسقطت ورقة ملاحظات الورقه: *** المريض 13-*تشويش* التشخيص المبدئي: هلوسة سمعيه ، طيف التوحد ، اضطراب الشخصية المعاديه للمجتمع *تشويش* السجل: -اربع اشتباكات مع عناصر الأمن -اعتداء عنيف على امرأه في *تشويش* -سرقة أدوية تخدير -قتل اربع قطط و رميها في منازل الجيران -اشتباه في خمس جرائم قتل -*تشويش* في سجن الأحداث الجلسه رقم 3 ملاحظات الطبيب : تم إرسالها إلى هنا رفقة ضباط مسلحين و كانت تهذي كثير بالكاد تقول شيء و ترفض الطعام أو النوم كانت جالسه لساعات تنظر في الضابط دون أن ترمش حتى احمرت عيناها عندما دخلت ابتسمت حتى ظهرت نباها قالت: طبيبة شابة جدا لماذ مازلتي تحاولين معي ألن يوجد مريض في مستواك؟ لم ارد عليها لكني وضعت أمامها دفتر و قلم قائله : ما رأيك أن نبدأ ب لماذ سرقتي أدوية التخدير الموضعي *** همست بما لا يُسمَع «ليمبرو..لابد ان الورقه لحالتها» تجولت في الرواق حتى وصلت إلى غرفة تملأها رائحة كريهة وضوء أحمر خافت. رأت على طاولة صغيرة كوب نبيذ لم يمسسه الغبار، في الكرسي المقابل، ظِلٌ يسكنه الصمت والظلمة. أَتَلَفَّظ بصوت خافت «لوسيان؟ لم تخبرني أنك قادر على اختراق الجدران؟» تقترب ببطئ حتى ينزل ضوء احمر خفيف على الكرسي ف تبصر بفزع هيكل عظمي جالس أمامها بملابس انيقه ، بدله رماديه و قميص ابيض و ساعه جيب كان هناك بضع شعرات على الجمجمه «ربي رحمتك ...ما هذا يا لوسيان ...من عساي احرر الان » تفحصت الجثة و حركتها قليل ، كان رجل في منتصف العمر ، أمسكت الساعه كانت تشير لمنتصف الليل تراجعت قليل لتصدم عن طريق الخطاء ب طاولة آخر خلفها وضع عليها لوح شطرنج بدا و كان اللعبه في منتصفها ، تجولت بالغرفة اكثر و هذا الضوء الأحمر يعيد لها الرنين ، وجدت ملفات و بضع أوراق على مكتبه «شيكات بنكيه و أوراق لعقارات ..تاجر ... » سحبت احد دفاتره على المكتب كانت مليئه بالاسماء إلى جانبها مبالغ ماليه تفوق الخيال «لورانس 24 مليون ..ادرا 69 مليون ...اودل 73 مليون ...انه دفتر ديون ، كيف يتدين كل هولاء مثل هذه المبالغ من شخص واحد ، لا يمكن أن يكون ثري لهذا الحد » أخرجت المزيد من الملفات و اخذت تقراء فيها فضائح لمختلف الأشخاص ، صور ، مقالات ، جرائد « اختلاس اموال ..تهريب ممنوعات ..خيانات زوجيه؟ ..تعنيف عمال ..تأجير أطفال يا ألهي.. ...انه مبتز بلا شك » تدور بالغرف لكن بلا جدوى لتعود لطاولة اللعب كانت قطع الشطرنج كالآتي الأبيض يأخذ جندي من صفوف الأسود، والملك الأبيض يحجز جندي الأسود اللي يحاول يتقدم للأمام، والجندي الأسود يحاول يضغط ويندفع للأمام، لكن الحصان الأبيض يغلق كل المنافذ ويمنع تحركاته، والأسود يضحي ببيادق في محاولة يائسة للخروج من الحصار. و بالخارج الملكة البيضاء، الملكة السوداء، جنديان أسودان جندي أبيض واحد «الابيض متفوق ..الحصان في d5 و الفيل في f4..الأسود متأخر ف الملك مكشوف و الاحصنه لم تتحرك..لعبة خاسره ..الهيكل كان الاعب الأسود » كنت قطعة الملك الابيض غريبة الشكل ف هي حادة بطرف حديدي و ملطخه بسائل اسود يبدو انه جف منذ مده طويله ، لكنها لم تعر اي من هذا اهتمام و أكملت البحث و هي تسرق نظرات للهيكل العظمي هناك تلمح ورقه بدت مقطوعه من دفتر على الأرض لكنها فارغه في طرفها وقع حرفا L.W بينما اعتدى بصرها على الضوء الأحمر بدأت ترى السقف يتحرك لكن لم تكن اوهام هذه المره أن السقف ينزل عليها حق و يحطم الرفوف جرت نحو الباب تحاول فتحه و الصداع يرن في عقلها رؤيتها تتشوش مجددا و هي تصرخ «لوسيان!لوسيان افتح الباب! أكاد إسحق هنا! » لا رد لكن الضوء كله تركز على رقعة الشطرنج للحظه تهدء و طنين خفيف يرن اذنها تتذكر الكلام المحفور على الجدار و تركض للطاوله و تركع تنظر للقطع للحظه «انهي اللعبه انهي اللعبه علي أن أكملها...التاجر انه الطرف الأضعف لابد انه كان يبحث عن مكاسب سريعه طبعا شخص مبتز سيلعب بتهور ..الشخص بجانبه يحرك حصانه كثير ...دفع التاجر ليتراجع لابد انه متلاعب ، كان سيحرك الحصان الأبيض ل a8..سيرد التاجر بتحريك Bd6 .. » يقترب سقف الغرفه منها بتسرع تنزل اللعبه للارض و تنحني تمتم سريعا Bxd6 » Kd7 « d5 «لا يمكن..لا يمكن أن يفوز الأسود هو لن يلعب بتروي لن ينظر خطوة للوراء » تمتم بصوت مسموع «الأسود يضحي ببيادق في محاولة يائسة » «الحصان الأبيض يغلق المنافذ » «الجندي الأسود يحاول التقدم » «الملك الأبيض يحجز الجندي » «الأبيض يأخذ الجندي » بينما يلامس السقف ظهرها تصرخ و هي مغمضة «الأسود يستسلم! » لحظه صامته لم تعد تشعر بضغط السقف ولا بضيق الهواء تفتح عيناها لترى غرفة خاويه من اي شيء يدل على الترف مجرد شقه مهجوره ..لا جثة ولا شطرنج فقط الورق البيضاء نفسها تلتقطها و تظهر عليها كتابه الورقة: *** قرباني الخامس... بقايا ماضٍ لم يُدفن. إليشا روديون، رجل أعمال قذر في السبعين، يعشق ألعاب الطاولة، جشع حتى نفور الجميع من أخلاقه ورائحة النبيذ الخانقة. لكن مع كل الأموال كان هناك من يتربصون به دائمًا. إليشا... صاحب القرار في الرابع من أبريل. لم يعرفني حين جلست أمامه، ولم ير الطفلة التي نجا منها. كنت ذكية، عبثت بعقله، راوغته في ما يبرع فيه: الشطرنج... بينما سحبت منه أسماء لطخت أبريل بأرواحها... تركته ينتشي بالنبيذ، ممزوجًا بمُثبط عضلي. ببطء، أثقلت أطرافه، وخف صوته، وحين نظر إليّ وقال: « من أنت؟» ابتسمت لأول مرة منذ دخلت، وقلت له: « أنا بقايا افعالك..» ثم نَحَرتُه بقطعة الملك التي شحذتها بنفسي. *** تسمع خطى خفيفة تخترق سكون الغرفة من خلفها، فتلتفت ببطء، ليقفز أمامها وجهٌ يكسوه ابتسامة عريضة، وعيون تلمع بريقًا غير مريح لوسيان، بنبرة ساخرة هادئة: -«كيف كان اختبارك الأول؟» تتنفّس بغضب مكتوم: «اللعنة عليك وعلى اختباراتك هذه! أي مجنون أنت ؟» ينكر بابتسامة خفيفة: -«أنا؟ كنتُ أراقب فقط من بعيد. مسرح الجريمة هذا... كان تدبير مريضتك، ليمبرو.» تردّ بثقة: «لقد استنتجت ذلك.» يلتقط نظراتها بشيء من التحدي، ويقول بنبرة أكثر قتامة: -«لقد حررتِ روح إليشا... كان محاصرًا في البرزخ، والآن هو في الجحيم..كان يتوق لنهايه مباراته» تتلاقى عيناها بعينيه، لكن الصداع يعود يدقّ بوحشية أقوى، رأسها يكاد ينفجر بين يديها، كأن لهيبًا داخليًا يلتهمها. تشاهد أضواءً متناثرةً كنجومٍ ضائعة، وهمساتٍ متقطعة تتردد في أذنيها. تتمتم بصوت خافت مشحون بالألم: «كفى... كفى... أسمعك.» يرتسم على وجه لوسيان ابتسامةٍ ساخرة، يقف صامتًا ، ثم يقول ببطء: -«إنها قريبة... قريبة جدًا..»